dimanche 13 mai 2012

وفاة المناضل حسين التريكي

إنا لله وإنا إليه راجعون وفاة المناضل حسين التريكي

عرف بمواقفه الفاضحة للصهيونية العالمية،و بدعوته الإسلامية في بلدان أمريكا اللاتينية، و بمساهمته في ترجمة القران الكريم إلى اللغة الاسبانية بتكليف من الجامع الأزهر، بالاشتراك مع أربعة دكاترة مصريين . اصطدم بالمستعمر الفرنسي الذي حكم عليه بالإعدام ، و بالزعيم الراحل الحبيب بورقيبة في مرحلة لاحقة. هو الأستاذ و المناضل التونسي،حسين التريكي،الشخصية الفذة التي تستحق كل تقدير و احترام، ويحق لتونس الاعتزاز بها.


المناضل حسين التريكي حسين التريكي .. مجاهد حُـوكـم بالإعدام ثلاث مرات ما يزال حياً د. أحمد القديدي (*) عرفته شخصيا في شهر مارس 1973 حين عاد إلى وطنه ووطني تونس بعد رحلة من رحلات عذابه الطويلة، وحين وقع الرئيس بورقيبة عفوا رئاسيا يلغي الحكم بالإعدام الصادر ضده في 1957 انه المجاهد التونسي العربي عمنا حسين التريكي أمد الله في أنفاسه وهو يحتفل هذه الأيام بعيد ميلاده الحادي والتسعين. وكانت تربطني في ذلك العهد صداقة طيبة بنجله عمر الموظف بوزارة الإعلام والذي حرم من والده سنوات حين كان المناضل الكبير حسين التريكي ممثلا لجامعة الدول العربية في الأرجنتين وعموم أمريكا اللاتينية. وقصة العم حسين من أغرب قصص الكفاح من أجل التحرير في تونس وفي فلسطين وآخر مرة قابلته فيها كانت منذ عامين حين زار الدوحة فأعدت معه تحريك رماد الذاكرة القوية أستزيد من حكمته وتجارب حياته. وإني سعدت جدا بالمبادرة التي قامت بها مؤسسة التميمي للتاريخ في تونس حيث نظمت ندوة علمية تكلم خلالها المناضل الكبير حسين التريكي أمام جيل المؤرخين الشبان. وشيخ المجاهدين العرب ظاهرة حقيقية نادرة في تاريخ الكفاح المعاصر حيث أنه حوكم بالإعدام في محاكم الاستعمار الفرنسي عام 1947 لنشاطه المسلح من أجل التحرير ضمن فصائل المقاومة التابعة للحزب الدستوري بقيادة الزعيم بورقيبة، وكان مكلفا بمهمة سرية تتمثل في توفير المتفجرات وتصنيع المفرقعات حتى تتمكن المقاومة من القيام بأعمال فدائية ضد غلاة الاستعمار. وحين اقترب موعد الاستقلال والنصر، ابتعد التريكي عن بورقيبة واقترب من منافسه على الزعامة صالح بن يوسف ودخل في حركة عروبية متأثرة بالثورة الناصرية والقومية العربية وانحاز للجناح المشرقي للحركة الدستورية التونسية وربط الصلة مع المقاومة الجزائرية، بل وعين عضوا ضمن الوفد الجزائري المفاوض لفرنسا برئاسة رئيس الجمهورية الجزائرية المؤقتة فرحات عباس. وفرحات عباس هو نفسه الذي حدثني شخصيا عن تلك المرحلة من الكفاح وعن الدور الفعال الذي قام به حسين التريكي وتونسيون آخرون في صلب الثورة الجزائرية، وكنت أتردد على بيت طيب الذكر فرحات عباس في مدينة نيس الفرنسية بعد رحيله عن الجزائر وكان ذلك عام 1978 بواسطة صديقه وصديقي الفرنسي الجزائري جيلبار كورنتو. ثم استقلت تونس وأصبح بورقيبة أول رئيس جمهورية فيها ونصب المحاكم الجائرة لتصفية منافسيه والانتقام منهم ومن العائلة المالكة فنال حسين التريكي حكما بالإعدام عام 1957 وفر هاربا إلى ليبيا مشيا على الأقدام في الصحراء في نوفمبر من نفس العام حتى بلغ القاهرة التي كان له فيها أصدقاء من أيام تأسيس مكتب المغرب العربي في الأربعينات. وفي مصر احتضنته الجامعة العربية (حينها كانت تحتضن المناضلين...) وكلفته بمهمة تمثيلها في أمريكا اللاتينية وطار إلى بيونس أيرس حيث أنجز أعمالا مشرفة في التعريف بالقضية الفلسطينية ومقاومة الدعاية الصهيونية ونشر عدة كتب وصحف باللغة الأسبانية سرت في القارة الجنوبية لأمريكا مسرى النار في الهشيم وفضحت الاحتلال الإسرائيلي وربط التريكي علاقات بالأوساط الدبلوماسية العاملة في الأرجنتين إلى درجة أن المخابرات الإسرائيلية حكمت عليه بالإعدام وحاولت تنفيذ الحكم مرات عديدة في عدة بقاع من أمريكا الجنوبية وفشلت وعاش حسين التريكي بعد هذا الحكم الثالث بالإعدام. وهو حي يرزق كتب الله له أن ينجو برأسه من ثلاثة أحكام بالإعدام. وما تشاؤون إلا أن يشاء الله رب العالمين. وكان التريكي مؤمنا بأن قضية تحرير تونس من الاستعمار لا يمكن أن تنفصل عن قضية تحرير الجزائر والمغرب وفلسطين وبأن العرب قوة عظمى إذا توحدوا وكان هذا هو وجه الخلاف مع بورقيبة الذي كان يدعو إلى انتهاج سياسة خذ وطالب. هذه بعض مقتطفات من حياة الرجل الذي بدأ حياة الكفاح عندما كان في الخامسة عشرة من عمره أي صار له اليوم 76 عاما من المقاومة وهو يسمي نفسه إلى يومنا هذا مقاوما ما دامت فلسطين لم تتحرر وتؤسس دولة مستقلة وما دام العرب لم يوحدوا الصفوف ولم يجمعوا كلمتهم. لا أخفي عليكم أنني إلى اليوم ما أزال متعجبا كيف لم تتصل القنوات الفضائية العربية بشيخ المجاهدين ليكون على الأقل شاهدا على العصر وقد عاش قرنا من الكفاح وكيف لم تتحرك أية حكومة عربية لتكريمه وكيف لم يفكر أي قسم للتاريخ في أية جامعة عربية لاستقدام هذا المنجم الحي من التاريخ بل وكيف أهملت جامعة الدول العربية ممثلها القديم في نصف القارة الأمريكية ؟ والأهم من هذا كله كيف لم يسأل بعض ولاة أمورنا عن وضع حسين التريكي وكيف يعيش وهل يتقاضى راتبا وهل لديه المال ليتعالج وهو الرجل المتعفف الذي لا يشكو ولا يمد يده لأحد. إن أمر غياب القيم الأخلاقية في العالم العربي أمر يستحق وحده الدرس والتقييم وإن لله الأمر من قبل ومن بعد!


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire